***
لم تكن تدري أنها تسكنه، تسبح في عقله ووجدانه ومشاعره، لم تكن تدري أنها سحرته من أول لحظة إرتشقت فيها عينيها بعينيه المُغيبة في عتمة الواقع ومرارته، ملأت خواء صدره الخرب بإحساس طالما احترق شوقاً إليه، ألهبت وجدانه.. أشعلت النار في عواطفه التواقة للحب، جعلته يرحل في براح إشراقها ونضارتها مجتازاً لحدود الزمن، عابراً فوق الآمه وأحزانه.. وهى لا تدري.
لا تدري أنه يشعر في اللحظات التي يقضيها بجوارها أن العالم قد خلا من أهله، وأن الزحام قد فض من حولهما، وأن عمره بطوله وعرضه هو فقط تلك اللحظات.
أحبها بكل فرائسه، ودخل أسرها منساقاً أمام قوة لا تُقاوم، فكانت أول من سكن قلبه، واستقرت تتفيء ظلال إحساسه الدفيء.
تكسرت فوق أهدابها عزيمته، واعترف لأول مرة بالهزيمة التي لم تعرف إلى قلبه سبيلاً من قبل.
كان يشعر وهي بعيدة عنه أنه غائباً عن الوجود بلا معنى، أن أحاسيسه تبلدت، وقلبه لم يعد يخفق، أن نظراته تندفع عشوائياً بغير هدف تبحث عنها، أن الطعام ليس ذا طعم.. والنوم ليس له جدوى.
ورغم ذلك، ورغم تلك العاطفة التي كانت تجيش بقلبه؛ آثر الهرب، آثر أن يطوي القلب على أسراره، ويُخفي آتون حبها ليحرقه وحده، آثر ألا يعذبها معه، ألا يتناول يدها ثم يتركها في نصف الطريق، آثر أن تزيد عذاباته واحدة، وأن يسكن صحراء الوحدة بعيداً عنها.
احترف الهرب حتى من نفسه.. فكان يخرج وحيداً بلا هدف ولا وجهة تستقبله، يقفز في سيارة لا يدري إلى أين تأخذه؛ ينظر عبر زجاجها فيراها أمامه تحدثه وتجري ملامحها بطول الطريق، يجلس أمام البحر الهادر الخفاق فيراها تلوح من بين الأمواج، يقف صامتاً واجماً شارداً بينما عبيرها يتهادى مع شلال الماء المندفع عبر الصنبور، يغلق عينيه فيراها تتمايل في براح العتمة.
شيء لم يصدقه،.. لم يصدق أن هناك امرأة تحتله، أن هناك امرأة جعلته كالمجذوب في حبها لا يرى سواها. ولا يشعر بغيرها.
هناك 3 تعليقات:
حمد الله على السلامة يا مهاجر
عودة قوية جدا
تحفة مليئة بالمشاعر
معانى كثيره تجاذبت ..
جعلتنا ما بين المتعذبين بعذابه والمتسائلين لما الكتمان .؟
جعلت بأنفسانا تساؤلات حواريه وكان المشهد تجسد امامنا .. آن لنا الآن ان نقدم له يد العون .
عن جد منتهى الروعه يا اخى .
عن جد قمة فى الأبداع .
اجمل تحيه لك .
ولما خطه قلمك من مشاعر قويه .
احترامى لشخصك .
ربنا يفك كربك يا هانى
إرسال تعليق